تفاسير سور من القرآن
معنى قوله: سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ
...............................................................................
رسم> سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ قرآن> رسم> هذا استئناف فكأن قائلا قال: وماذا بعد غفران الخطايا؟ قال: رسم> سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ قرآن> رسم> السين للتنفيس وهو وعد صادق من الله.
واختلفت عبارات المفسرين في المراد بالمحسنين، ولا ينبغي أن يختلف فيه؛ لأن خير ما يفسر به كتاب الله بعد كتاب الله، سنة نبينا محمد اسم> صلى الله عليه وسلم؛ وقد فسر رسم> الْمُحْسِنِينَ قرآن> رسم> تفسيرا ثابتا في الصحيح؛ فلا ينبغي العدول عنه لغيره.
وذلك ما هو مشهور في حديث جبريل اسم> لما جاء في صورة الأعرابي وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: رسم> يا محمد اسم> ؛ أخبرني عن الإحسان. فقال صلى الله عليه وسلم: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك متن_ح> رسم> .
وقد قدمنا في هذه الدروس مرارا أن سؤال جبريل اسم> هذا؛ ليعلم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم معنى الإحسان، أنه سؤال عظيم محتاج إليه غاية الحاجة؛ وذلك أن الله جل وعلا بين في آيات من كتابه أن الحكمة التي خلق من أجلها خلقه وسماواته وأرضه هي أن يبتلي الخلق؛ أي يختبرهم في شيء واحد هو إحسانهم العمل؛ ليظهر من يحسن منهم عمله ومن لا يحسنه.
كما قال تعالى في أول سورة هود: رسم> خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ قرآن> رسم> ثم بين الحكمة وقال: رسم> لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا قرآن> رسم> ولم يقل أيكم أكثر عملا. وقال في أول سورة الكهف: رسم> إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا قرآن> رسم> ثم بين الحكمة بقوله: رسم> لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا قرآن> رسم> وقال في أول سورة الملك: رسم> الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ قرآن> رسم> ثم بين الحكمة فقال: رسم> لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا قرآن> رسم> .
فاتضح بهذه الآيات أن الإحسان هو الذي خلقتم من أجل الابتلاء فيه. ولا ينافي هذا قوله: رسم> وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ قرآن> رسم> ؛ أي إلا لآمرهم بالعبادة على ألسنة رسلي، فأبتلي محسنهم من غير محسنهم كما لا يخفى.
صار الإحسان محتاجا إلى معرفته؛ لذا سأل جبريل اسم> عنه وأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه رسم> أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك متن_ح> رسم> والإحسان مصدر أحسن العمل يحسنه إحسانا؛ إذا جاء به حسنا متقنا لا نقص فيه ولا وصم، وإحسان العمل لا يمكن إلا بمراقبة خالق هذا الكون جل وعلا.
وقد قدمنا في هذه الدروس مرارا أن العلماء أجمعوا على أنه لم ينزل الله واعظا من السماء إلى الأرض، ولا زاجرا أكبر من واعظ المراقبة المعبر عنه هنا بالإحسان.
وقد ضرب العلماء لهذا مثلا؛ قالوا: لو فرضنا أن في هذا البراح من الأرض ملكا عظيم البطش شديد النكال، وسيافه قائم على رأسه، والنطع مبسوط، والسيف يقطر منه الدم؛ ولله المثل الأعلى.
وهذا الملك الذي هذا بطشه وشدته ينظر؛ أترى أن أحدا من الحاضرين يهتم بريبة مع بناته أو زوجاته أو نسائه؟ لا. كلهم خاشع الطرف ساكن الجوارح أمنيته السلامة. ولله المثل الأعلى؛ فرب العالمين أعظم اطلاعا وأشد بطشا، وحماه في أرضه محارمه. فمن لاحظ أن رب السماوات والأرض مطلع عليه، وأنه يرى كل ما يفعل إن كان عاقلا لابد أن يحاسب.
ولو علم أهل بلد أن أمير ذلك البلد بات مطلعا على كل ما يفعلون من القبائح والخسائس لكفوا عن كل ما لا ينبغي، ولم يرتكبوا إلا ما يجمل. ولله المثل الأعلى؛ فكيف بخالق السماوات والأرض الذي يعلم خطرات القلوب؟.
وكيف يجهل خطرات القلوب خالق خطرات القلوب؟. رسم> أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ قرآن> رسم> رسم> وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ قرآن> رسم> .
معناه أن المحسنين الذين يراقبون الله، ويعبدونه كأنهم يرونه أن الله يزيدهم على هذه المراقبة وهذه النية وهذا الإحسان للعمل -يزيدهم أجرا على أجرهم.
وقد جاءت آية في سورة يونس تدل على أن إحسان العمل يزيد الله صاحبه النظر إلى وجهه الكريم، كما يأتي في تفسير قوله: رسم> لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ قرآن> رسم> فقد جاء في الصحيح أن المراد بالحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم.
وبذلك فسر بعض العلماء قوله تعالى في ق: رسم> لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ قرآن> رسم> ومعنى الآية أن المحسنين الذين يراقبون الله عند الأعمال فيعبدونه كأنهم يرونه يزيدهم أجرا. ولا مانع من أن يكون مما يزيدهم النظر إلى وجهه الكريم كما فسرت به آية يونس المذكورة آنفا. وهذا معنى قوله: رسم> سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ قرآن> رسم> .
مسألة>